دربةٌ عقلية طبيعة تحصل بتدرِّجٍ وخفاء حتى تنموَ الملكةُ العقلية وتعتاد بالعمل والتيقظ؛ إذ التشاورُ الفكري والتبادل النظري يجعل جليسَك منبِّهًا لغفلتك عند حصولها، كما يجعلك له منبِّهًا، حتى يصير التنبُّه إلى الحقائق سجيَّة لك متى كنت مجبولًا على التهيؤ لذلك، والرحلة بعد ذلك تفيد [تيقظًا] (?) أكبر.
ولو ذهبت تعد الأفراد الذين سموا برسوخ القدم إلى مرتقى راق في قوة الرأي، لرأيت فيهم من الراحلين أكثر مما ترى في غيرهم؛ وما وصلت قرطبةُ بعلمائها إلى تلك الغاية إلا بالرحلة. ولعلك تذكر الباجي، والأصيلي، وأبا بكر ابن العربي، وبقيَّ بن مخلد، ومنذرًا بن سعيد البلوطي، وعبد الملك بن حبيب و [غيرهم]. (?)