5 - ومن آياته ما جُعِل له من الحرمة في نفوس الخلق من العرب وغيرهم من سائر الملل، فقد حجته الجبابرةُ من الملوك والأكاسرة، وكسته التبابعة، (?) وقدسته سائرُ العرب، واحترموا قريشًا؛ لأنهم سدنته وذرية مؤسسه. وقد قال أبو طالب في خطبته: "وجَعلنا حَضَنَةَ بيته، وسُوَّاسَ حرمه، وجعلنا الحكامَ على الناس". (?)

6 - ومنها ما يسر الله لسكانه من الأرزاق بسببه، وذلك بمجيء الناس للحج من كل فج عميق، قال الله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97)} [المائدة: 97]، وأن من أكبر الآيات فيه للمهتدي أنه مصدرُ التوحيد والحنيفية.

ثم انشقت منه جداولُ الشرائع والهدى اشتقاقَ الجداول من النهر، ثم اجتمعت وآوت إليه في شريعة الإسلام، فعاد النهرُ إلى مجراه. وفي ذلك رمزٌ إلهي إلى أن الدين عند الله هو الإسلام، وأنه ابتدأ على يد إبراهيم في مكة كالحبة المزروعة إلى أن آن أوانُ جَناه، فظهر من حيث بدئ، ليدل على أن الزرع قد نضج، وأن الغرس قد أثمر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015