قال حسان في رثاء أبي بكر الصديق: "وَأَوَّلَ النَّاسِ حَقًّا صَدَّقَ الرُّسُلَا". (?)

ومن ذلك إطلاقُ العتيق عندهم على الشريف؛ إذ العتيقُ عندهم في الحقيقة هو القديم، والقديم شيءٌ أول. وقد فُسِّر به قولُه تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29]، والبيت محتجر من الأرض بحجارة أو بنسيج من ثياب الشعر يُتَّخَذُ للإيواء والسكنى، فإن كان من أدم فهو القبة. وقد يُطلق البيتُ على المسجد، بتقدير أنه بيت الله أو بيت الصلاة، قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور: 36]، وقال حكايةً عن إبراهيم - عليه السلام -: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} [إبراهيم: 37]، وسموا المسجد الأقصى بيت المقدس.

ومعنى {وُضِعَ لِلنَّاسِ} أقيم واتخذ. وأصلُ الوضع في كلام العرب ضدُّ الرفع؛ يقولون: وضعتُ لك الشيءَ في محل كذا، أي قربته لك وهيأته، ثم استُعمِل بمعنى مطلق الجعل والإقامة. والناس: اسم جمع لطائفة من البشر، لا واحدَ له من لفظه في كلام العرب، فإذا دخل عليه حرفُ التعريف دلَّ غالبًا على الاستغراق الحقيقي نحو: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} [الناس: 1]. ويكون التعريف فيه للعهد أيضًا، نحو قول الخطيب: "أيها الناس"، يعني سامعيه، وقوله تعالى: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عمران: 173] يعني قريشًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015