ومذهبُ الجمهور أنه لا يُشترط في المتَّقي شرعًا اجتنابُ الصغائر، وحجتُهم واضحة؛ فإن الصغائر قلما ينجو منها أحد. ومنهم مَنْ لا يسبق [عنده] (?) إلى اسم المتقي بعد الأنبياء غيرُهم كالصحابة والتابعين ومَنْ بعدهم من السلف الصالح. والتمسك بالحقيقة اللغوية غيرُ معتبَرٍ في الحقائق العرفية لكثرة التغاير بين الاصطلاحين، بل ما كان تعدد الحقائق إلا باعتبار التغاير.

على أن الشهاب (?) في حواشي القاضي أنكر زيادةَ لفظ الفرط، وقال: "المذكور في كتب اللغة تفسيرها بالحفظ والصيانة، وما ذكره من الزيادة زيادة". و [أجاب] عن الحديث بأنه مسوقٌ لبيان الكامل في الحقيقة، بسند لزوم خروج من بيناه، وفيه نظر، وبأن حمله على ظاهره يوجب خروجَ غير المتورِّع عن التقوى؛ لأن ترك ما لا بأس به حذرًا من الوقوع فيما به بأسٌ هو الورع، ولا قائلَ بذلك من الفريقين، فوجب تأويله على كلا القولين. (?)

على أن الحديث يُحمل محملَ حديث: "من وقع في الشبهات وقع في المحرمات"، (?) المرادُ به التنبيهُ على شدة الحذر وعدم التساهل. فمعنى "حتى يدع ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015