عن أبي ذر ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْت، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَن". (?)
هذا الحديثُ الشريف من جوامع كلمه - صلى الله عليه وسلم -، فقد اشتمل على نهاية الإيجاز وما يقرب من حدِّ الإعجاز. فإنه مع قلة ألفاظه وعذوبة نظمه، جمع - صلى الله عليه وسلم - فيه ما يلزم الإنسانَ في دار التكليف من أداء حقوق الخالق ومعاملة المخلوق، وذلك مدارُ كلية التكليف كما لا يخفى.
والخطاب وإن كان لجزئية استعماله يقتضي قَصْرَ الحكم على المواجَه به، لكنه يعمُّ كلَّ مكلَّف صالح للخطاب عمومًا حقيقيًّا، على ما هو طريقةُ الحنابلة المنسوبة إليهم في المستصفى؛ (?) إذ كلُّ مكلَّف موجَّهٌ له الخطابُ القرآني الذي هو عنوانُ الحكم التكليفي. والمبلِّغُ الأول الرسولُ صلواتُ الله عليه، ثم المتأهِّلُ لذلك من