الحمد لله الذي جعل أطناب الدين موثقة بأوتاد العرفان، وناط نتائج اليقين بدلائل النظر والبرهان، والصلاة والسلام على رسوله المؤيد بمعجز البيان، شرف الله ذكره كفاء ما شرف به نوع الإنسان والرضا عن آله وأصحابه الخالد فخرهم على الزمان.
أما بعد فيا أيها الأساتذة الجلة، والتلامذة المنوط بهم أمل الملة، إن المنزلة السامية التي يواتيها حسن ظن ملكنا الجليل، دام له العز والملك الأثيل، بأن أسند إلي مشيخة الجامع الأعظم وفروعه، قد مكنتني من فرصة مباركة، فرصة الاجتماع بهذه النخبة الباهرة من أبنائي الأساتذة الذين عرفت فيهم سموَّ الهمة في خدمة العلم، وبذل النصح في تلقينه، وهذا الجمهور النير من الناشئة الزيتونية الذين لم يزالوا يبرهنون على الإخلاص في تعلقهم بالدين والعربية، والحرص على استكمال مادة العلوم الواسعة من المناهج الناجعة في الإيصال إلى الغايات النافعة.
وإن ملاحظة هذه المباهج النفسية من التعاون مع المخلصين في خدمة علوم الدين هي التي تهون علي ما يوجبه هذا الإسناد من تجشم كلف كنت عنها بمعزل والانقطاع عن الاستغراق في الأشغال العلمية التي هي ريحانة النفس.
فليكن اجتماعُنا هذا أفضلَ ما اجتمع عليه المسلمون من التواصي بالحق، وتجديد عهدنا الذي قطعناه على أنفسنا من بذل المستطاع للنهوض بالتعليم، وتثقيف أذهان التلامذة بالعلم الصحيح والفهم القويم بما يمكنهم من مراتب