مهاجري الأندلس إلى تونس - في خاتمة كتابه المسمى بالأنوار النبوية: "ولما رأى العدو العزم منهم (أي من المسلمين) للخروج نقض العهد، وردهم رغم أنوفهم من سواحل البحر إلى ديارهم، ومنعهم قهرًا من الخروج". (?)

وهذا الذي وصفه السيد محمد بن عبد الرفيع إجمالًا كان سببه أن سياسة ملوك الجلالقة كانت تضطرب بين الشدة والملاينة، بحسب ما يسنح لهم في أحوال المسلمين، وبحسب ما تكون عليه حالةُ المملكة السياسية من اتحاد أو اختلاف فيما بينهم، ومن مسالمة أو محاربة بينهم وبين جيرانهم من الإفرنج، وبحسب ما كان للأسبان من المطامع في امتلاك تونس والجزائر. فكانوا يكرهون أن تشيع عنهم قسوةُ المعاملة مع مَنْ يدخلون تحت حكمهم، ولذلك دام حالُ المسلمين في الأندلس نحو مائة سنة بين الضغط والتنفس، إلى أن باح العدوُّ بما أضمره وكشر لهم عن نابه في النصف الأخير من القرن العاشر الهجري.

فلما ضاقت الأرض بالمسلمين، وأصبحوا مستضعفين في أرض الجلالقة، لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلًا، وفشا فيهم الإكراهُ على التنصر بالقتل والحرق وأنواع العذاب، أظهروا التنصر. ولعدم اطمئنان النصارى لهم، حشروهم إلى جهة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015