آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)} من سورة آل عمران (33)، وتكلم على أن التفضيل إنما يكون بين المتجانسين، ثم قال - أي ابن عرفة -: "وقد حكى شيخُنا الفقيه أبو عبد الله محمد بن الحُباب: إن الأعدل أبا جعفر أحمد بن يوسف اللبلي الفهري سأله: ما الأحسن شرحه المجمل أو المقرب لابن عصفور؟ " قال: "فما تخلصتُ منه إلا أني قلت له: ذلك (أي المقرب) تأليف مستقل، وهذا (أي المجمل) شرح، فهذا تأليف، وهذا تأليف"، أي فهذا جنسٌ من التأليف وذلك جنسٌ مغايرٌ له، فلا تتيسر الموازنةُ بينهما (?). قلت: ولعمري لو قال إن أحدهما في فن والآخر في فن آخر لكان أجملَ تخلصًا وأوجهَ عذرًا؛ لأن العلوم تتمايز بتمايز الموضوعات.
وإنما جزمتُ بأن مراده بالمجمل هو شرحه الآخر على الفصيح لقول ابن الحباب: "هذا شرح"، ولا يُعرف من تأليف اللبلي ما هو شرحٌ على كتاب غير شرحيه على الفصيح.
على أنه ليس يبعد أن يكون قولُ ابن جابر: "واختصره في مجلد" تحريفًا عن "واختصره في المجمل"، فتأمل. وعسى أن تكون النسخة التي في مكتبة روضة خيري بمصر نسخة من كتاب المجمل في شرح الفصيح، فيجتمع شتاته ويُسر به أهلُ الأدب ورواته.