وقال أبو فراس:

أَقُولُ، وَقَدْ نَاحَتْ بِقُرْبِى حَمَامَةٌ، ... أَيَا جَارَتَا هَلْ تَشْعُرِينَ بِحَالِي (?)

ثم يحتمل البيت معنيين: أحدهما أن يريد بالحمامة الكنايةَ عن المرأة، كما كنوا عنها بالسرحة، والنخلة، والشاة. فالمعنى إذا تكلمت امرأة منهم بالحب، اقتتل الحيان - حي المرأة وحي حبيبها. قال امرؤ القيس:

تَجَاوَزْتُ أَحْرَاسًا إِلَيْهَا وَمَعْشَرًا ... عَلَيَّ حِراصًا يُسِرُّونَ مَقْتَلِي (?)

الاحتمال الثاني: أن تكون الحمامةُ حقيقة، والمعنى إذا هتف حمام الحي، أي أصبح الصباح حين تلغو الطيرُ بأصواتها. فيكون الكلام كنايةً عن ترقب حصول غارة بين حيين؛ لأنهم كانوا يغيرون عند الصباح. ولذلك كانت كلمة الإنذار بالعدوان أن يصرخ نذيرُ القوم قائلًا "يا صباحاه"، وعليه قوله تعالى: {فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (177)} [الصافات: 177]، وقال عمرو بن كلثوم في تعجيل الغارة قبيل الصباح:

قَرَيْنَاكُمْ فَعَجَّلْنَا قِرَاكُمْ ... قُبَيْلَ الصُّبْحِ مِرْدَاةً طَحُونَا (?)

والدَّمَيان دماء القبيلتين على كلا الاحتمالين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015