وكذلك عَيَّنَ خلفًا الأحمر ابنُ هشام (?). ولا ينفي ذلك أن يكون عليُّ بن المبارك الأحمر حاضرًا كما حكاه القفطي (?)، ولا يتعارض الخبران لإمكان أن يحضر كلاهما.
وأما الذي ألقى المسائلَ على سيبويه فهو خلف الأحمر لا محالة؛ لأنه بالمكانة التي تؤهله لذلك يومئذ، وهو أعظم شهرةً يومئذ من علي بن المبارك الأحمر وأسنُّ منه. فهذا وجهُ الجمع بين القولين. فإن اتّبعنا طريقةَ الترجيح، فترجيحُ ما قاله ابنُ الأنباري وابن هشام أولَى من ترجيح ما قاله القفطي؛ لأن ابن هشام من أئمة الطائفة النحوية، فهو أثبتُ فيما يرويه من أخبارهم وآرائهم، وأهل الدار أدرى بما فيها.
ولا يُعرف تَعيينُ الذي ألقى المسائلَ على سيبويه بأنه علي بن المبارك لغير القفطي، وفيه نظر. فالذي أثبته غيرُه بالأسانيد الصحيحة الاقتصارُ على ذكر الملقب بالأحمر، كما في الأشباه والنظائر بسند الزجاجي (?). وإذا جاز الوهم على ابن هشام في تعيين الأحمر بأنه خلف، فجوازُ الوهم على القفطي مثلُه، فلا موجِب لترجيح أحد الكلامين على الآخر. على أن القفطي قد صرح في ترجمة علي بن المبارك الأحمر بأنه لم يكن له ذكرٌ قبل أن يستخلفه الكسائي لتأديب أولاد الرشيد لمّا أصاب الكسائيَّ الوضَحُ في وجهه، حتى إنه لما سماه لأولاد الرشيد قالوا: "لم تأت لنا بأحد متقدم في العلم". وذكر أيضًا أن الأحمر "لم يكن له قبل ذلك ذكر، ولا يُعرف" (?).
وهذا يُغلِّب الظنَّ بأنه لم يكن يوم المناظرة بالرتبة التي تخوله حضور ذلك المجلس مع أول من حضر. وقد يكون عليٌّ الأحمر حضر في رفقة الكسائي لأنه من