لأجل هذا كله لم يتردد أهلُ الحل والعقد في مصر الإسلام - وهو المدينة عند وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في وجوب المبادرة بإقامة الخليفة عن النبي في تدبير أمر الأمة، مع القطع بأنه لا يخلفه في غير ذلك من التشريع وتبليغ الرسالة. وهذا الخليفة وإن جارينا صاحب الكتاب في أنه لم يعينه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد كانت تسميتُه بإجماع أهل العلم والدين من أصحاب النبي المهاجرين والأنصار، وذلك الإجماع حجةٌ أعظم من خبر أو خبرين. على أنه ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صرح بإقامة الخليفة من بعده، فقد ورد في صحيح البخاري وغيره عن جبير بن مطعم أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرها بأمر فقالت: "أرأيت يا رسولَ الله إن لم أجدك؟ كأنها تعني الموت، فقال لها: إن لم تجديني فائْتِي أبا بكر". (?) وروي في حديث آخر أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "يأبى الله والمسلمون غير أبي بكر". (?)