أو البلاغ واستدلاله بها فيدل على أنه لا يُحْسِن بابَ القصر من علم المعاني، ولا يفرق بين الحقيقي والإضافي، ولا يفرق بين مفاد القصر الإضافي من قلب أو تعيين أو إفراد. فما عليه إلا إتقانُه ليعلم ما أفاد برهانُه.
ثم استدل في صحيفة 76 بقوله - صلى الله عليه وسلم - للذي تلجلج بين يديه: "هون عليك فإني لست بملك" (?) وبقوله: "فاخترت أن أكون نبيًّا عبدًا" (?) إلخ. وهذا استدلال سفسطائي مبني على اختلاف معاني اللفظ الواحد، فقد أوضحنا غير مرة أن الملك والقهر للضعفاء ومشاركة الخالق في صفة الكبرياء.
وأعجبُ من هذا كله استدلاله في صحيفة 78 على نفي أن يكون النبي له حكم في الأغراض الدنيوية بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنتم أعلم بأمور دنياكم" (?) بعد أن حذف منه جذره وسببه. وهذا أيضًا من السفسطة؛ لأن الدنيا تُطلق على هذا العالم بأسره، وهي بهذا المعنى موضوعُ الشرائع والتي مراد الله نظامُها ونظامُ أهلها. وهي مزرعة الآخرة ومطية الجنة والنار، وتطلق على ما عدا الأمور الدينية والمعاني العلمية.