الرسالة وأن القول به لا يكون كفرًا ولا إلحادًا، وتأوله بأنه مرادُ قول بعض الفرق بإنكار الخلافة في الإسلام، إلخ. ولقد أفصح هنا عن مقاربته اختيارَ قول غلاة الخوارج بعدم نصب الإمامة بين الناس؛ لأنه لا يلتئم مع ما قدمه من أن تأسيس الحكومة الإسلامية غيرُ داخل في مفهوم الدين الذي أُرسل لأجله النبي، حتى لا يلزم اقتفاءُ النبي فيما منع منه.

إلا أن الاستدلال ينقلب عليه بأن ما استدل به لنفسه وللخوارج هو عليهم لا لهم؛ لأنه إذا كان ذلك عملًا زائدًا على الرسالة فقد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا سلمنا أنه لكونه خارجًا عن حقيقة الرسالة لا يجب اتباعه شرعًا في كل زمان، فهل نمنع أن أحد الحالين هو الاقتفاء بالنبي فيما فعله؟ فإنه ما فعل إلا ما كان فيه الصلاح، فيكون تأسيسُ الحكومة من مقاصد الشارع. ثم إنه قال في صحيفة 55 إن هذا الرأي يراه بعيدًا.

ثم تعرض من صحيفة 56 إلى صحيفة 62 لكلام فرضه على وجه الاحتمال، فصرح بأن رأي الجمهور أن إقامة المملكة الإسلامية عملٌ متمم للرسالة وداخل فيها، غير أن العلماء أغفلوا اعتبارَ شرط التنفيذ في حقيقة الرسالة إلا ابن خلدون، وساق كلامه (?) بعد أن قدم في صحيفة 50 أن اعتبار النبي - صلى الله عليه وسلم - رسولًا وملكًا معًا هو رأي المسلم العامي، وهنا جعله رأيَ العلماء ولا سيما ابن خلدون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015