وهناك تكاملت الفنون، وتقاربت المذاهب، وتحاكت الأنظار بين المبرد وثعلب (?)، واجتمع العلمان - علم البصرة وعلم الكوفة - في أردان ابن كيسان (?) والأخفش الصغير (?)، وأمثالهما. وهنالك - في بغداد - انفصل علمُ متن اللغة عن سائر علوم العربية، فاستقل به رجالٌ امتازوا فيه، واختصوا به: المفضل بن سلمة (?)، وابن السكيت (?)، وأبو بكر ابن دريد (?)، وابن خالويه (?)، وأبو منصور الأزهري (?)، ووضعوا المصنفات اللغوية السابقة - وخاصة كتاب "العين" - موضع النقد والتمحيص، والإثبات والإسقاط.
وكان القرن الرابع قرنَ انتشار علم متن اللغة - بعد نضجه ببغداد - إلى المشرق وإلى المغرب. اضطلع به رجالٌ بثوه في المشرق، وكانوا مرجعَ الأسانيد المشرقية فيه، مثل الإمام أحمد بن فارس، والصاحب ابن عباد، وآخرون طاروا به إلى المغرب، فكانوا مرجعَ الأسانيد المغربية، وأعظمهم ومقدمهم أبو علي القالي (?).