الثالث: أنهم يريدون إظهارَ ثباتِهم على خصالهم ومحامدهم، وأنهم لا يُغَيِّرُهم عنها مُغَيِّر، ولا يصدُّهم لومُ أزواجهم وحبائبهم، قال:
وَتَرَانَا يَوْمَ الكَرِيهَة أَحْرَا ... رًا وَفِي السِّلْمِ لِلْغَوَانِي عَبِيدَا (?)
الرابع: أن يُبْنَى الشعرُ على خطاب المرأة في الشؤون التي يليها النساء، فيكونَ بناءُ ذلك الخطابِ إخراجًا للكلام على الغالب.
الخامس: تذَكُّرُ الخليلةِ عند الوقوع في مآزق الشدة؛ لأن ذلك من تَذَكُّرِ النَّعيم عند حُلول البؤس؛ إذ الشيءُ يُذكَرُ بضَدِّه، أو في حالة المسرة والانبساط، فالسِّيُّ بالسِّيِّ يذكر. فأما ما يرجع إلى الأمر الأول الجاري على أن يُطلبَ من المرأة أن تسأل وتستقري - وهو عمودُ هذا المقال - فأشهرُ وأقدمُ ما فيه قولُ السموأل بن عاديا، وهو عصريُّ امرئ القيس:
سَلِي إِنْ جَهِلْتِ النَّاسَ عَنَّا وَعَنْهُمُ ... فَلَيْسَ سَوَاءً عَالِمٌ وَجَهُولُ (?)
والمعروفُ عند الرواة أنها للسموأل، وقد تردَّدَ في ذلك أبو تمام في "ديوان الحماسة"، فنسب القصيدةَ إلى عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي، وهو شاعرٌ إسلامي (?)، فخاطب امرأةً بأن تَسأل عن قومه وعن أقوامٍ دونهم، ولم يتقدم ذكرٌ