وَقَفْنَا وَمِمَّا زَادَ شَوْقًا وُقُوفُنَا ... فَرِيقَيْ هَوًى مِنَّا مَشُوقٌ وَشَائِقُ (?)
فالمشوق هو المحب، والشائق المحبوب، والبكاء من شأن المحب دون المحبوب، واللوعة من البعد ومن مشاهدة حال المحب هي من شأن المحبوب، ولهذا لم يسلك في وصف الأجفان مسلك تحسينها بخلاف مسلكه في وصف الخدود.
وقع في ترجمة ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي الأديب من كتاب الوفيات لابن خلكان قال: "وأنشدني له بعضُ الفضلاء بمدينة حلب أبياتًا، منها قوله:
أَلَسْتَ مِنَ الوِلْدَانِ أَحْلَى شَمَائِلًا ... فَكَيْفَ سَكَنْتَ القَلْبَ وَهوَ جَهَنَّمُ
ثم قال: انتقدوا في بغداد في هذا البيت، فأفكرت فيه ثم قلت: لعل الانتقاد من جهة أنه لا يلزم من كونه أحلى شمائلًا من الولدان أن لا يكون في جهنم. . . فقال: نعم هذا الذي أخذوا عليه" (?)؛ يعني أن قوله: "فكيف سكنت القلب"، استفهامُ تعجب وتحيّر: أي كيف أمكن أن يسكن قلبي إذ هو جحيم بنار المحبة وأنت أحسن من الولدان، فشأنك أن تكون معهم في الجنة.