اشتد ساعدُ الدولة الإسلامية، ونضجت حضارةُ المسلمين من سائر نواحيها، فأصبحوا أمةً مستكلمةَ الجهاز في كل ما تسابقت فيه الأمم الماضية والمجاورة من ميادين الحضارة والرقي: تفكيرًا وعلمًا، ونظامًا ورفاهية، وقوة وسيادة على العالم.
وتوفر لدى المسلمين في خلال القرون الخمسة التي مضت من وقت ابتداء الجامعة الإسلامية ما لم يتوفر لغيرهم من الأمم الحاضرة والغابرة، فطنوا أن الدهر طوع أمرهم والحوادث لا تسير إلا على حسب مناهم، وأنساهم توالِي النعم ما تأتِي به الحوادثُ من الرزايا. وما درَوْا أن الدهر الذي يواجههم بقوله: "ملكت يداك"، (?) هو ينشد من ورائهم في التفاته: "غير لاه عداك". (?)