كمْ مِنْ صَدِيقٍ لي أُسَـ ... ـــارِقُهُ البُكَاءَ مِنَ الحَيَاءِ
فَإِذَا تَأَمَّلَ لَامَنِي ... فَأَقُولُ مَا بِي مِن بُكَاءِ
لَكِنْ ذَهَبْتُ لأَرْتَدِي ... فَطَرَفْتُ عَيْنِي بِالرِّدَاءِ
فقال له أبو العتاهية: لا والله يا أبا معاذ، ما لُذْتُ إلا بمعناك، ولا اجتنيت إلا من غَرسِك، حيث تقول:
شَكَوتُ إِلَى الغَوَانِي مَا أُلَاقِي ... وَقُلْتُ لَهُنَّ مَا يَوْمِي بَعِيدُ
فَقُلْنَ: بَكَيْتَ؟ قُلْتُ لَهُنَّ كَلَّا ... وَقَدْ يَبْكِي مِنَ الشَّوْقِ الجَلِيدُ
وَلَكِنِّي أَصَابَ سَوَادَ عَيْنِي ... عُوَيْدُ قَذًى لَهُ طَرَفٌ حَدِيدُ
فَقُلْنَ: فَمَا لِدَمْعِهِمَا سَواءً ... أَكِلْتَا مُقْلَتَيْكَ أَصَابَ عُودُ؟ (?)
وذكر أبو الفرج الأصبهاني والشيخ عبد القاهر في فصل من فصول نظم الكلام من كتابه دلائل الإعجاز: "رُوي عن الأصمعي أنه قال: كنت أشدو من أبي عمرو بن العلاء وخلفٍ الأحمر، وكانا يأتيان بشارًا فيسلّمان عليه بغاية الإعظام، ثم يقولان: يا أبا معاذ ما أحدثتَ؟ فيخبرهما وينشدهما، ويسألانه، ويكتبان عنه متواضعَين له، حتى يأتي وقتُ الزوال، ثم ينصرفان. وأتياه يومًا فقالا: ما هذه القصيدة التي أحدثتَها في سَلْم بن قتيبة؟ قال: هي التي بلغتْكم؛ قالوا: بلغنا أنك