قال الجاحظ وأبو الفرج الأصفهاني: أنشد عُقْبةُ بنُ رُؤْبَةَ بن العجّاج رجَزًا يمتدح به عقبةَ بن سَلْم وبشارٌ حاضر، فأظهر بشار استحسانه الأرجوزة، فقال عقبة بن رؤبة: هذا طراز يا أبا معاذ لا تَنْسُجه، فقال بشار: أَلمِثْلي يقال هذا الكلام؟ أنا والله أرجَزُ منك ومن أبيك ومن جدّك! فقال عقبة: أنا والله وأبي فتحنا للناس بابَ الغريب وباب الرَّجَزِ، ووالله إني لخليقٌ أن أسدّه عليهم (يعني بجودة نسجه في ذلك وعجزهم عن مجاراته)، فقال له بشار: ارحمْهم رحمك الله! فقال عقبة: أتستخفّ بي يا [أبا] معاذ وأنا شاعرٌ ابن شاعر ابن شاعر؟ فقال بشار: فأنت إذَن من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرّجسَ وطهّرهم تطهيرًا! ثم خرج عقبة مغضبا. فلما كان من غدٍ غدَا بشار على عقبة بن سَلْم وعنده عقبة بن رؤبة، فأنشد بشار أرجوزته التي أولها: "يا طَلَلَ الحيِّ بذات الصَّمْدِ"، فطرب عقبةُ بن سَلْمٍ وأجزل صلتَه، وقام عقبةُ بن رؤبة فخرج عن المجلس بخزيٍ، وهرب من تحت ليلته (?).