وَعَلِمْتُ أَنَّ الصَّرْمَ شِيمَتُكُمْ ... فِي النَّأْيِ وَالهِجْرَانِ فِي القُرْبِ
فضَلَلْتُ لَا أَدْرِي: أُقِيمُ عَلَى الـ ... ـهِجْرَانِ أَوْ أَغْدُو مَعَ الرَّكْبِ (?)
فقولُه: "أو أغدو مع الركب" قابَل به قولَه: "أقيم على الهجران" فلم يعجزه الميزان ولا القافية إذ عبر عن السفر بأغدو مع الركب، وكذا قوله فيها:
نَادَيْتُ: إِنَّ الحُبَّ أَشْعَرَنِي ... قَتْلًا وَمَا أَحْدَثْتُ مِنْ ذَنْبِ (?)
فقوله: "أشعرني قتلًا" دون أن يقول: "قتلني" لتجنّب الابتذال. وأما بلاغته فقد شهد له بها أئمّة البلاغة وفحول الشعراء، وكانت أبياته شواهد في ذلك، مثل قوله:
كَأَنَّ مُثَارَ النّقْعِ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ ... وَأَسْيَافَنَا ليلٌ تهَاوَى كَوَاكِبُهْ (?)
وغير ذلك.
وقد وجدتُ له أربعَ استعارات في مصراع بيت، وهو قوله (في الورقة 149):
غَابَ القَذَى فَشَرِبْنَا صَفْوَ لَيْلَتِنَا ... حِبَّيْنِ نَلْهُو وَنَخْشَى الوَاحِدَ الصَّمَدَا (?)
فإنه شبّه الرقيب بالقذى، لأنه يكدر عليه التذاذه بالحبيب، كما يكدر القذى الالتذاذ بالخمر، وهي تصريحية، وشبّه الليلة بالخمر على طريقة المكنيَّة، ورمز بقوله