فَمَا تُبْصِرُ العَيْنَانِ فِي مَوْضِعِ الهَوَى ... وَلَا تَسْمَعُ الأُذُنَانِ إِلَّا مِنَ القَلْبِ (?)
وقوله:
يَا قَوْمِ أُذْنِي لِبَعْضِ الحَيِّ عَاشِقَةٌ ... وَالأُذْنُ تَعْشَقُ قَبْلَ العَيْنِ أَحْيَانَا
قَالُوا: بِمَنْ لَا تَرَى تُعْنَى؟ فَقُلْتُ لَهُمْ ... الأُذْنُ كَالعَيْنِ تُولِي القَلْبَ مَا كَانَا (?)
وقوله:
أَنِّى وَلَمْ تَرَهَا تَهْذِي فَقُلْتُ لَهُمْ: ... إِنَّ الفُؤَادَ يَرَى مَا لَا يَرَى البَصَرُ (?)
والذي أُعَلِّل به غرامَ بشار أنه كان ذا نفس خليعة تُحب المجون، فكان قد راض نفسَه على العِشق إيفاءً لها بشعائر المجون، وجعل طريقةَ عشقِه حُسنَ النغمة ورقةَ المزج ولين اللمس وحلاوة الحديث، ودرَّب لنفسه ذلك الارتياض حتى صار له ملَكةً وسجيّة. فكان عشقُه حقيقةً غيرَ ادعاء، وهو يتوسل بذلك إلى أن يجيد النسيب، فإنه سَدَى الشعر ولُحمته. ومما ينبئك بذلك أنك تجده يُكثِر في نسيبه وصفَ حسن منطق النساء، كقوله:
وَكَأَنَّ رَجْعَ حَدِيثِهَا ... قِطَعُ الرِّيَاضِ كُسِينَ زَهْرَا (?)