وَمِنَ الخَيْرِ بُطْءُ سَيْبِكَ عَنِّي ... أَسْرَعُ السُّحْبِ فِي المَسِيرِ الجَهَامُ (?)
• "يكشف ذلك أن الرَّجَزَ وإنْ خالف القصيدَ مخالفةً قريبة ترجع إلى تقطيع شأو اللفظ فيه، وتزاحُمِ السَّجْعِ عليه، قلّ عددُ الجامعين بينهما لتقاصر الطباع عن الإحاطة بهما. فإذا كان الرَّجَزُ والقصيدُ - مع أنهما من واد واحد - أفضت الحالُ بمتعاطيهما إلى ما قلتُ على خلاف يسير بينهما، فالنثرُ والنظم - وهما في طرفين ضِدَّيْن وعلى حالتين متباينتين - أولى وأخص" (?)،
كان العربُ قد خصُّوا الرَّجَزَ بأغراض غير مهمة، وهي الحداء، والمتح على المياه، وترقيص الأمهات أطفالهن، وكانوا ينظمونه على حالةِ عجلة وكيفما اتفق. فلذلك لم يكن يَعبأُ به الشعراء. وربما ارتجز البطلُ عند الخروج إلى صف المقاتلة، يُرهِبُ الناسَ بما يذكره من بأسه، إلى أن ظهر منهم الرجاز المجيدون، مثل العَجَّاج وأبي النجم. وكانوا كلهم من أهل البداوة، فبقي الرجز شعارَ الأديب البدوي، ولم يبرِّز فيه أهلُ الحضر. وقد عُد من مقدرة بشار بن برد أنه ارتجز بأراجيز فاق فيها مشاهير الرُّجَّاز، مثل أرجوزته الطويلة:
يَا طَلَلَ الحَيِّ بِذَاتِ الصَّمْدِ ... بِالله حَدِّثْ: كَيْفَ عُدْتَ بَعْدِي (?)
وقصتُه فيها مع عقبة بن رؤبة مذكورة في ترجمة بشار (?).