لقد صرَّح الكلامُ النبوي أن هذا المجدد يبعثه الله ويُلهمه لتجديد أمر الدين للأمة، فوجب أن يكون هذا المجددُ قائمًا بعمل مثمرٍ تجديدًا في الدين. وقد أَبَنْتُ فيما مضى معنى التجديد، فيتعين أن تكون لهذا المجدِّد الصفاتُ التي تؤهله لرتق ما فُتِقَ من أمر الدين في زمنه. فإذا كان الفتقُ قد طرأ على ناحية من نواحي علم الدين، تعيَّنَ أن يكون المجددُ في تلك الناحية عالِمًا يؤهله علمُه لإدراك الدين الحق في الغرض المقصود.
وإن كان الفتقُ قد طرأ على الدين من ناحية وَهن نفوذِه ووقوف انتشاره، تعيَّن أن يكون المجددُ في ذلك قادرًا على حماية البيضة، ونصر الشريعة - أي نصر الحق من الدين - لئلَّا يدخل في المجددين مَنْ قام ينصر نِحلةً اعتقادية يعتقد أنها الدينُ وهو فيها زائغ، مثل أبي يزيد راكب الحمار، (?) ومثل أبي عبد الله الشيعي داعية المهدي العبيدي، (?) أو لإعلان فتنة وانقلاب دولة تحت اسم الدين مثل مهدي