فَإِنَّكَ كَاللَّيْلِ الَّذِي هُوَ مُدْرِكِي ... وَإِنْ خِلْتُ أَنَّ المُنْتَأَى عَنْكَ وَاسِعُ (?)
• "وقد قيل: أقسام الشعر ثلاثة: مثلٌ سائر، وتشبيهٌ نادر، واستعارةٌ قريبة" (?)، لم يعزُ هذا القول إلى معيَّن؛ لأنه رآه كلامًا مقبولًا لا مِريةَ في صحته، على حد قولهم: "انظرْ إلى ما قال، لا إلى مَنْ قال". وظاهرُ هذا الكلام حصرُ الشعر في هذه الثلاثة، وهو حصرٌ مقصودٌ به المبالغة، تنويهًا بهذه الثلاثة، كما لا يجفى.
والمراد بـ "التشبيه النادر" هو الذي لا يهتدي إليه عامَّةُ الناس، فالآتي به يدلُّ على حُسْنِ فطنته وتخَيُّله. قال في أسرار البلاغة: "والمعنى الجامع في سبب الغرابة أن يكون التشبيهُ المقصود من الشيء مما لا يتسرع إليه الخاطر، ولا يقع في الوهم عند بديهة النظر إلى نظيره الذي يُشبَّه به، بل بعد تثَبُّتٍ وتذكر، وفلي للنفس عن الصور التي يعرفها، وتحريكٍ للوهم في استعراض ذلك [واستحضار ما غاب منه] ". (?) وقال: "ومما يزيد به التشبيهَ دقة وسحرًا أن يجيء في الهيئات التي عليها الحركات"، كقول الوزير المهلبي:
"الشَّمْسُ مِنْ مَشْرِقِهَا قَدْ بَدَتْ ... مُشْرِقَةً لَيْسَ لَهَا حَاجِبُ
كَأَنَّهَا بُوتَقَةٌ أُحْمِيَتْ ... يَجُولُ فِيهَا ذَهَبٌ ذَائِبُ". (?)