وقوله: "على تخيُّرٍ من لذيذ الوزن"، "على" فيه بمعنى مع، وأراد بالوزن وزنَ الشعر، وهو ما يُسمَّى بالبحر في اصطلاح العروضيين، وما فيه من أعاريض وضروب. وقد بين المؤلف فيما يأتي من كلامه هذا القيدَ بقوله: "وإنما قلنا على تخيُّر من لذيذ الوزن؛ لأن لذيذَه يَطربُ الطبعُ لإيقاعه، ويمازجه بصفائه، كما يَطرب الفهمُ لصواب تركيبه واعتدال نظومه". (?)

وكأن المؤلف يشير إلى أمرين: أحدهما مزيَّة الشعر العربي باشتراط العرب الوزنَ فيه، بحيث لا يكون الكلامُ شعرًا ما لم يكن له وزنٌ خاص. وثانيهما الإشارةُ إلى تجنب الأعاريض والضروب الثقيلة، والزِّحاف والعلة الجائزين المؤثرين ثقلًا في انتساب الحركات والسواكن من الميزان، فيصير كالعِثار في السير، أو كالكلام المقطَّع نُتفًا غير متماثلة. وقد يحصل من تجمع الكثير من ذلك ما يوشك أن يُخرج الشعرَ من كونه شعرًا إلى كونه نثرًا، كما في أبيات من مُجمْهَرة عبيد بن الأبرص التي أولها:

عَيْنَاكَ دَمْعُهُمَا سَرُوبُ ... كَأَنَّ شَأْنَيْهِمَا شَعِيبُ (?)

وقد قرن المؤلف تخيرَ لذيذ الوزن بالتحام الأجزاء والتئامها؛ لأنهما من واد واحد. على أن بعض العروض في بعض الموازين لا يخلو من ثقل، مثل الضرب الثاني المقطوع من بحر المنسرح (?). وبعضُها من بعض العروض يكون أشبه بالسجع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015