واستبطاء النصير، وتخيَّل المستنجِدَ هضيمَ الجانب، ذا جناح كسير، فاجتهد أن يُكثر من المعاني التي من شأنها إثارةُ حَمِيَّةِ المخاطَب واقتداره، وعلى هذا المنوال ينسج.
ومن صور صحة المعنى أن يكون مطابقًا للواقع، كما قال حسان:
وَإِنَّ أحْسَنَ بَيْتٍ أَنْتَ قَائِلُهُ ... بَيْتٌ يُقَالُ إِذَا أَنْشَدْتَهُ: صَدَقَا (?)
لكن ذلك ليس بشرطٍ على الإطلاق، وخاصة في الشعر؛ فإن الشعرَ يُبْنَى على المغالطة والخيال. وهذا الشأن يختلف باختلاف الأغراض والمقامات، فلكل غرضٍ من أغراض الكلام ما يناسبه من صحة المعنى في بابه، وللنثر مناسباتٌ ليست للشعر وبالعكس. وسيأتي للمؤلف ذكرُ الخلاف في أن أحسن الشعر أصدقه، أو أكذبه، أو أصدقه.
ولما كان الخوصُ في صحة المعنى هنا وفيما يأتي متوقِّفًا على معرفة المرادِ من المعنى، وجبَ أن نُبيِّن ما هو المعنى؟ وما هي أقسامُه عند أئمة البلاغة؟ وهو المبحثُ الذي وعدنا به عند شرح قول المرزوقي: "ومن البلغاء من قصد فيما جاش به خاطرُه. . ." إلخ (?).
- 5 -
• قال: "وجزالة اللفظ واستقامته": (?) كثر في كلام أئمة النقد وصناعة الإنشاء والشعر ذكرُ وصف الجزالة في محاسن الألفاظ، وقد عدّها المؤلف في محاسن المعاني أيضًا إذ قال (?): "فطلبوا المعاني المعجبة من خواصِّ أماكنها، وانتزعوها جزلةً