- 2 -

• "وقلتَ أيضًا: أني أتمنى أن أعرفَ السببَ في تأخُّر الشعراء عن رتبة الكُتَّاب البلغاء، والعذرَ في قلة المترسِّلين وكثرة المُفْلِقِين، والعلةَ في نباهة أولئك وخمول هؤلاء، ولماذا كان أكثرُ المترسِّلين لا يُفْلِقُون في قَرْض الشعر، وأكثرُ الشعراء لا يَبْرعون في إنشاء الكتب، حتى خُصَّ بالذكر عددٌ يسير منهم، مثلُ إبراهيم بن العباس الصولي وأبي علي البصير، والعَتّابي، في جمعهم بين الفنَّيْن واغترَازِهم ركابَ الظَّهْرَيْن. [هذا] ونظامُ البلاغة يتساوَى في أكثره المنظومُ والمنثور" (?)،

هذا تمام مجاراة المخاطَب المحكية في قول المؤلف "فإنك جاريتني"، وقوله "ثم سألتَني"، وقوله "وقلتَ"، وقوله "وزعمتَ". ووقع في كلام المؤلف: "والعذر في قلة المترسلين وكثرة المفلقين". فـ "المترسِّلون" هم أصحابُ الترسُّل، وهو صناعة إنشاء الكلام النثري؛ فإن الإنشاء يُطلق عليه اسم الترسل إطلاقًا شائعًا، وقد سَمَّى شهابُ الدين محمود الحلبي كتابه في صناعة الإنشاء "حسنَ التوسل إلى صناعة الترسل" (?).

و"المُفلِقون" (بضم الميم وكسر اللام) هم فحولُ الشعراء، يقال أفلق الشاعرُ إذا نبغ في الشعر. وهذا اللفظ مشتقٌّ من الفِلق (بكسر الفاء وسكون اللام)، وهو الشيء العجيب. وهذا اللفظ من الكلمات التي ذهل عن إثباتها صاحبُ الصحاح وصاحب القاموس (?). وذكر المؤلفُ ثلاثةً مِمَّنْ خُصَّ بالذكر من شعراء الكتاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015