ممن هو على ظهر الأرض أحد"، (?) إذ يتعين أن يكون قوله فيه: "فإن رأس مائة سنة"؛ أي مبدأ مائة سنة من تلك الليلة بقرينة السياق.
ولذلك قدَّر شُرَّاحُ الحديث قوله: "فإن رأس مائة سنة"؛ أي من تلك الليلة، أي: بعد مُضِيِّها. (?) وقد قيل بمثل هذا في إطلاق رأس مائة سنة في قولهم في الحديث: "بعثه الله على رأس أربعين سنة"، أي: عند تمام الأربعين من عمره الشريف، فيكون ابتداء العدِّ أيضًا من يوم قال رسول الله ذلك. ومثال الاحتمالين واحد إلا في عدِّ المرة الأولى من التجديد، وعدِّ أول المجددين.
وأيًّا ما كان، فالظاهرُ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك في آخر حياته؛ إذ قد دلت أدلةٌ من السنة على أن رسول الله - عليه السلام - قد أكثر في آخر حياته من أقوال تُؤْذِنُ بقرب انتقاله، تأنِّيًا للمسلمين بتلقي مصيبة وفاته بصبر، وتنبيهًا لهم ليتهيؤوا إلى سدِّ ما تُعقِبه وفاتُه من ثلمة في أمور المسلمين، وبشارةً لهم بما يعرفون به توَلِّي الله تعالى حفظَ هذا الدينِ كما جمعه قوله: "حياتِي خيرٌ لكم، ومَماتِي خير لكم". (?)