• "وقضيتَ العجبَ كيف وقع الإجماعُ من النقاد على أنه لم يتفقْ في اختيار المقطوعات أنقى مما جمعه، ولا في اختيار المقصَّدات أَوْفَى مما دوّنه المفضّلُ (?) ونقدَه. وقلتَ إن أبا تمام معروفُ المذهب فيما يقرضه، مألوفُ المسلك بنظمه، نازعٌ في الإبداع إلى كل غاية، حاملٌ في الاستعارات كلَّ مشقة، متوصِّلٌ إلى الظَّفر بمطلوبه من الصنعة أين اعتسف وبما عثر، متغلغلٌ إلى توعير اللفظ وتغميض المعنى أنّى تأتّى له وقَدَر؛ وهو عادلٌ فيما انتخبه في هذا المجموع عن سلوك معاطِفِ ميدانه، ومرتضٍ ما لم يكن فيما يصوغه في أمره وشانه. فقد فَلَيْتُه فلم أجدْ فيه ما يوافق ذلك الأسلوبَ إلا اليسير. ومعلوم أن طبعَ كلِّ امرئ - إذا ملك زمامَ الاختيار - يجذبه إلى ما يستلذُّه ويهواه، ويصرفه عمَّا ينفر منه فلا يرضاه" (?)،

"قضيت العجب" كلمةٌ جرت مجرى المثل، معناه تعجبتَ العجبَ القوي؛ لأنه إذا تعجب عجبًا قويًّا فكأنه قضاه، أي أداه وأتمه، ومنه قضى وطرًا، قال الحريري في المقامات: "وقضيتُ العجبَ مما رأيت". (?) و"المقطوعات" القِطع من الشعر المختارة من قصائد، أو التي نُظمتْ من أول الأمر قطعًا قصيرةً من الشعر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015