تشبيهَ أمانيه الناشئة عن دعواها بالأحلام في اللذاذة وعدم التحقق. وهذا وجهُ الاحتراز فيما مضى بقولي: "المنتظمة بحسب المتعارف".
وقد يكون التناسب موهومًا، ومجرد دعوى، في المقامات الشعرية واللطائف، كقوله:
ثَلَاثَةٌ تُشْرِقُ الدُّنْيَا بِبَهْجَتِهَا ... شَمْسُ الضُّحَى وَأبُو إِسْحَاقَ وَالقَمَرُ (?)
وقد يكون التناسبُ غريبًا نابعًا لتناسب شيئين آخرين، كقوله تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6)} [الرحمن: 6]، فإن التناسب أوجده ما يأتي بعده من قوله: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا}، وقوله: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10)}؛ لأن النجم من توابع السماء والشجر من توابع الأرض. ثم يكفي في هذه المناسبة التقارنُ في الغرض المسوق له الكلام.
ولهذا كان العطف بالفاء وثم وحتى أوسعَ في هذه المناسبة المشروطة؛ لأن الترتب أو المهلة أو الغاية كلها مناسبات كافية لتصحيح العطف لأنها دالة على التقارن في الوجود. وهذا التقارن مهيِّئ للمناسبة ومسوِّغٌ للعطف، لكنه يزداد حسنًا إذا قوِيَ التناسب. ولذا كان أصل الفاء التفريع ما لم تبعد المناسبة، ألا ترى كيف حسن العطف في قول عمرو بن كلثوم:
نَزَلْتُمْ مَنْزِلَ الأَضْيَافِ مِنَّا ... فَأَعْجَلْنَا القِرَى أَنْ تَشْتُمُونَا (?)