غرضَ لذكر بابٍ يخص الإنشاء هنا إلا للتنبيه على الفرق بينه وبين الخبر، وللإشارة إلى أحكام قليلة بلاغية تختص بالإنشاء.

ينقسم الإنشاء إلى قسمين: طلبي وغير طلبي. فالطلبي هو الأمر، والنهي، والاستفهام، والتمني، والترجي، والنداء. وغير الطلبي: القَسَم، والتعجب، وإنشاء المدح والذم نحو نعم وبئس، وإنشاء الوجدانيات كالتحسر والفرح والترحم، وصيغ العقود نحو أبيع وأشهد، والأجوبة الدالة على الامتثال كجواب النداء نحو لبيك وسمعًا وطاعة. وصيغُها وأدواتُها وأحكامُها مقررةٌ في النحو. وإنما الذي يهم البليغَ من أحوال الإنشاء مسائل:

الأولى: قد يأتي الإنشاء في صورة الخبر، وهو ما يعبرون عنه بالخبر المستعمل في الإنشاء، مثل استعماله في الدعاء في نحو: "رحمه الله"، وفي الطلب نحو قول الظمآن: إني عطشان، والتحسر نحو قول جعفر بن علبة الحارثي (?):

هَوَايَ مَعَ الرَّكْبِ اليَمَانِينَ مُصْعِدٌ ... جَنِيبٌ، وَجُثْمَانِي بِمَكَّةَ مُوثَقُ (?)

والسؤال نحو: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24)} [القصص: 24].

المسألة الثانية: يستعمل بعض صيغ الإنشاء في بعض فيجيء الأمر للتمني نحو قول امرئ القيس:

أَلَا أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيلُ أَلَا انْجَلِ ... بِصُبْحِ، وَمَا الإِصْبَاحُ مِنْكَ بِأَمْثَلِ (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015