إنكارًا، كما قال الله تعالى: {فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14)} [يس: 14]؛ لأنهم كذبوا الرسولين الأولين، فلما عززا بثالث كان القوم بحيث يترددون في صدقه.

وإن كان المخاطَب منكِرًا وجب توكيدُ الخبر على قدر الإنكار، نحو: {إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [هود: 25؛ نوح: 2]، ونحو: {إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ} [يس: 14]، ونحو: {رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16)} [يس: 16].

ويُسمَّى الضربُ الأول ابتدائيًّا، والثاني طلبيًّا، والثالث إنكاريًا.

وأدواتُ التوكيد إن وأن ولام الابتداء، ولام القسم، والقسم، والحروف الزائدة، وحروف التنبيه، وضمير الفصل، ولن النافية، هذه في الأسماء. وقد، وإما الشرطية، ونون التوكيد في الأفعال.

وقد يُنَزَّلُ المخاطَبُ المستحِقُّ لأحد هذه الأضرب منزلةَ صاحب غيره منها لنكتة، فيسمى ذلك إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر. قال طرفة:

لَعَمْرُكَ إِنَّ المَوْتَ مَا أَخْطَأَ الفَتَى ... لَكَالطِّوْلِ المُرْخَى وَثِنْيَاهُ بِاليَدِ (?)

فأتى بثلاثة مؤكدات: القسم وأن ولام الابتداء، لقصد الرد على مَنْ كان حالُه في لومه إياه على الكرم وتناول اللذات حالَ مَنْ ينكر إدراكَ الموت إياه، مع أن مجيء الموت ولو بعد طول العمر أمرٌ معلوم لكل أحد.

وقد يجيء التوكيدُ بـ "إن" لمجرد الاهتمام بالخبر دون إنكار، كقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن من الشعر لحكمة، وإن من البيان لسحرًا" (?). ومن ذلك أن يكون في الخبر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015