وهذه المعرفة تحصل له من علم اللغة والنحو والصرف، فإن حاول تكلمَها بدون هذه المعرفة كان مثله كما قال الحطيئة في الشعر: "يريد أن يُعْربه فيُعْجِمه" (?).

ولكنه إذا علم اللغة والنحو والصرف، فإنما يستطيع أن يعبر عن حاصل المراد وأصل المعنى، ولا يستطيع أن يُفصِحَ عن تمام المراد. فلو أراد أن يخبرك بحضور تلميذ واحد من تلامذة درسه وتخلُّف الباقين فقال لك: "حضر زياد"، لم تفهم إلا أنه أخبرك بحضور زياد لئلا تكتبه متخلفًا، ثم إذا علمت أن بقية التلامذة لم يحضروا فقلت له: ما بالك لم تخبرني بعدم حضور أنس ونافع وغيرهما؟ قال لك: ألستُ قد أخبرتك بحضور زياد ولم أذكر لك غيره؟

[البلاغة]

فدلَّك بقوله ذلك على قصوره في معرفة أداء جميع مراده. على أنه لو تنبه لزيادة البيان لقال: حضر زياد، ولم يحضر أنس، لم يحضر نافع لم يحضر زهير، وأخذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015