لنقله في غرض آخر؛ لأن الناقلَ إنما يضبط ويتحرى في نقله فيما يخص الغرضَ الذي لأجله ينقل؛ لأن المقصود من الخبر النسبةُ الخبرية لا الضمنية.
فالراوي المتصدي لرواية الأحاديث لإفادة أحكام شرعية لا يهمه من الألفاظ إلا مواردُها المفيدة للمعاني دون صيغها المفيدة لاختلاف كيفيات تلك المعاني. فإذا لم يكن نقله صريحًا في غرضه الذي تصدى لأجله، رجع أمرُ نقله إلى أنه احتجاجٌ بحسن الظن به في تحري الصواب من جميع جوانبه، وذلك غيرُ مقنع في إثبات اللغة. وقد عدوا من القواعد الأصلية أن الكلام إذا سيق لمعنى لا يُحْتجُّ به في معنى آخر. على أنه قد حفظ الخطأ عن كثير من الأئمة بتصحيف أو نحوه.
ورواةُ الحديث قد يقع لهم الغلطُ في عربية ما يروونه، وممن عُدَّ من هذا الباب هشيم بن بشير السلمي من أئمة الحديث. قال النضر بن شميل، وهو من أئمة اللغة: وإن هشيم لَحَّانًا، وهو الذي روى حديث: "إذا تزوج امرأة لدينها وجمالها كان فيها سداد من عوز" (?)، رواه بفتح السين من سداد. والصواب سِداد - بكسر السين - في قصة مدونة في كتب اللغة والأدب (?). فلعل النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ضر ولا ضرار"، فغيرها الراوي لا ضرر.