وهو كما قال (?)، إلا أني أخالفه فيما وجَّه به، وأرى الموجِبَ للفرق بين اللفظين حالَ الإفراد والتثنية.

الفائدة الثالثة أن العربية لغة تفنن، فهم يكرهون التكرار والإعادة، إلا في مقاماتٍ قليلة تسمح بذلك. وفي المترادف عون على تجنب إعادة اللفظة إذا اقتضى الحالُ إعادة الحديث عن مدلولها، وهذا من أسباب التعبير في القرآن بلفظ في موضع آخر مثله. وإن بعض علماء البلاغة قد يتكلفون لإبداء التعليل في وجه ذلك الاختلاف، ولا يعرجون على أنه قد يكون لمجرد قصد التفنن، قال تعالى: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35)} [يونس: 35] إلى آخر الآية. فعدّى يَهْدِي مرة بإلى، ومرة باللام، كراهية تكرير التعدية باللام ثلاثَ مرات.

التحذير من الغفلة عن الفروق بين الكلمات:

التطرفُ يعلم القصد. فلما وجدنا متطرفين في إنكار الترادف، وجب علينا أن نقتصد في دعوى وقوعه، فلا نقع فيما وقع فيه ظاهريةُ اللغويين من الحكم بالترادف بين كلماتٍ تقاربت معانيها فجَرَّؤُوا الشادين في اللغة على اعتقاد ترادفها، وعلى استعمال بعضها موضعَ بعض. فكان ذلك مبدأ أخطاء كثيرة، ومسرَى داءٍ وبيل لانحلال عَقْد العربية. وقديمًا أهمَّ ذلك كثيرين من النحارير مثل أبي علي الفارسي،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015