ولم يكن الداعي لهم إلى استبقاء المترادف مجردَ الإدلال بحوافظهم، بل رأوا في بقائه عونًا لهم على مقصدهم الأهم من أدب لغتهم، وهو مقصدُ الارتجال في الكلام والفصاحة عن تركيبه. فكانوا بحاجة إلى التوسعة على أنفسهم في طرائق التعبير والسلامة من العِيِّ والإرتاج والحصَر عند الكلام، وقديمًا ما تعوذوا بالله من ذلك.
أَعِذْنِي رَبِّ مِنْ حَصَرٍ وعِيٍّ ... وَمِنْ نَفْسٍ أُعَالجُها عِلَاجَا (?)
وقد أشرنا فيما مضى إلى أن أدب العربية معظمُه شعرٌ وسجع؛ كان أهل الأدب بحاجة إلى المترادف يَلْحَمُون منه نسجَ الأسجاع، ويَتِدون به متعاصي القوافِي، ويستعينون باختلاف موازين الكلمات المترادفة على إقامة ميزان العروض، بحسب ما تسمح به الأسبابُ والأوتاد.
مثاله أن لفظ دابة لو لم يكن له مرادفٌ لتعذر التعبيرُ به في الشعر؛ لأنه يشتمل على ساكنين متواليين حصل أحدُهُما بالإدغام والآخر بالأصالة، إذ لا يجتمع في الشعر العربي حرفان ساكنان؛ إذ أوزانُ الشعر كلُّها مركبة من أسباب وأوتاد. فالسبب هو حرف ثان موال للحرف المتحرك المبتدأ به في النطق، فإن كان الحرف الثاني متحركًا فالسبب سببٌ ثقيل نحو فَعَ، وإن كان الحرف الثاني ساكنًا فالسبب خفيف؛ نحو فَعْ.