السبب الخامس: ما دخل في لغات العرب من الألفاظ الأعجمية، وهي ما يُسمَّى بالمعرب، وهي كثيرة جدًّا في العربية. وقد قيل: إن القرآن اشتمل على ما يُنيف على مئة كلمة من المعرب، وفي عد بعضها تسامح. وقد استوفاها السيوطي في الإتقان، مثل القسطاس للعدل من الرومية قاله مجاهد، ومثل الجُلّ اسم للورد (من الفارسية) في قول الأعشى:
وَشَاهِدُنا الجُلُّ وَاليَاسَمِيـ ... ـنُ والمُسْمِعَاتُ وقُصَّابها
ومثل بستان (الحائط) بالفارسية؛ فإنه مركَّبٌ من كلمتي "بو" بمعنى فاكهة (?)، و"سَتان" بمعنى موضع. قال الجاحظ في البيان:
"ألا ترى أن أهلَ المدينة لما نزل فيهم ناسٌ من الفرس في قديم الدهر، علقوا بألفاظ من ألفاظهم، ولذلك يسمون البِطِّيخ الخِرْبِز، ويسمون السَّميط الزَّرْدَق، ويسمون المصوص المزوز، ويسمون الشِّطْرَنْج الإشترنج إلى غير ذلك من الأسماء. وكذلك أهلُ الكوفة يسمون المسحاة بال، وبال بالفارسية. . . ويسمي أهلُ الكوفة الحَوْك (أي: البقلة الحمقاء) الباذروج، والباذروج بالفارسية، والحوك كلمة عربية. وأهلُ البصرة إذا التقت أربع طرق يسمونها مربعة، ويسميها أهلُ الكوفة الجهار سُوك؛ والجهار سوك بالفارسية. ويسمون السوق أو السُّوَيْقة وازار؛ والوازار بالفارسية، ويسمون القِثَّاء خيارًا والخيار فارسية، ويسمون المجدوم وَيْذِى بالفارسية". (?)