فأراد ابنُ مسعود أن يبين له فقال: الفاجر، فقرأ: طعام الفاجر". (?) وهذا يدل على أن العربِيَّ لم يكن يعرف الأثيم، فلذلك أَكْذَبَ سَمعَه، وتوهم أن ابنَ مسعود يريد اليتيم، وأنه لم يُحسِنْ الإفصاحَ عن اللفظة. وقد تكون إحدى اللفظتين أغلبَ على الأخرى، مثل المدية عند بعض العرب، فإنها أغلبُ من السكين، كما سيأتي.
وقد تساءل كثيرٌ من الصحابة عن معنى الأبِّ في قوله تعالى: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} [عبس: 31]. وسأل عمر عن معنى التخوف في قوله تعالى: {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ} [النحل: 47] حتى قال شيخٌ من هذيل: هذه لغتنا. التخوف: التنقص، وقد قال شاعرُنا أبو كبير:
تَخَوَّف الرَّحْلُ مِنْهَا تَامِكًا قَرِدًا ... كَمَا تَخَوَّف عُودَ النَّبْعَةِ السَّفَنُ (?)
السبب الثالث: اختلاف نطق قبائل العرب لبعض الحروف، مثل قولهم: ذُرُّوح وذُرْنُوح، وقولهم: صِراط وسِراط وزِراط، وقو لهم: صَقَر وسَقَر، وزُفَّة (اسم للطائر المعروف)، وقولهم: سَاطَ وشَاطَ، بمعنى خَلَط، وقولهم: ادَّكَر واذَّكَر (?). وكما قال معظمُ العرب: بَقِيَ ورَضِيَ، وقالت طيِّئ: بَقَى ورَضَى. وكما قالوا: قَلَيْته أُقْلِيه