بمفارقة الوثنية، وإلى إصلاح العمل بتأسيس أصول الحنيفية - قد كان يبث بين أصحاب أمانته كلماتٍ من لغته ليسَ عندهم ما يرادفها، أو تكون أخفَّ من مرادفها في لغتهم، ويبث فيهم أساليبَ من لغته تكون أتقنَ من أساليبهم، فيكون بمقامه بينهم قد أدخلَ في لغتهم كثيرًا من آثار اللغة التي كان ينطق بها، إذا جوزنا أن تكون لغتُه يومئذ أتقنَ من لغتهم.

السبب الثاني: اختلاف قبائل العرب في أسماء بعض الأشياء، فتشيع الأسماء التي ينطقون بها كلها في جميع قبائلهم لا سيما في الحجاز؛ لأنها قرار القبائل. قال الجاحظ في البيان والتبيين: "القمح لغة شامية، والحنطة لغة كوفية، والبر لغة حجازية. وقال أمية بن أبي الصلت: "لبَابَ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهَادِ". (?) قلت: وأهل يثرب يسمونه الفوم، قاله المفسرون في قوله تعالى: "وفومها" في سورة البقرة، وأنشدوا على ذلك قولَ أُحيحة بن الجُلَاح (?):

قَدْ كُنْتُ أغْنَى الناسِ شخْصًا واحدًا ... سَكَنَ المَدِينةَ مِنْ مَزَارِعِ فُومِ (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015