وكذلك دلالةُ الأدوات على معنى واحد، كدلالة الأمر وصيغة الأمر على معنى الطلب الجازم، ودلالة بعض الحروف على ما يدل عليه حرفٌ آخر نحو مذ ومنذ. ودلالة جمع الكثرة للمفرد الواحد على معنى الجمع مثل جبال وأجبال، فإذا شاع استعمالُ كليهما في معنى القلة أو في معنى الكثرة (وذلك واقع بكثرة في العربية) صارا مترادفين.

والتقييد بالمفرد؛ لأنه لا ترادفَ بين المركَّبات التقييدية والإضافية والإسنادية (?)؛ فإن المركبات قد تفيد معاني متساوية، لكن تلك الإفادة بسبب ما يحصل في جمع الكلمتين، نحو إفادة رجل معنى آدمي ذكر، وكذلك عبد الله يساوي عابد الرحمن، وكذلك غربت الشمس يساوي انقضى النهار، فليس شيء من ذلك بمترادف.

وقولِي: "يخالفه في بعض حروفه الموضوع عليها بحيث تنطق به قبائل العرب كله إذا شاءت"، لأُريَك أن الاعتداد في اعتبار اللفظين مترادفَيْن إنما هو الاختلافُ في الحروف الموضوعين (?) عليها أصالة. ولذلك زدتُ الحيثيةَ لزيادة البيان، لئلا يُعَدَّ من الترادف ما كان بين اللفظين أو الألفاظ من الاختلاف في كيفية نطق قبائل العرب أو القبيلة الواحدة من إثبات همز وتسهيله، ومن إشباع حركة أو ضده، ومن إثبات حرف وحذفه تخفيفًا، ومن إبدال حرف بمقاربه، ومن زيادة بعض الحروف لغير معنى جديد، ومن إبدال حركة بغيرها، ومن اختلاف اللغات في الواوي واليائي. ومن اختلاف في النطق بالحرف كما قالوا: ذئب وذيب، وبئس وبيس، وكما كانت بعضُ قبائل العرب تبدل السين تاء في النطق، لا يحولون عن ذلك فيقولون في الناس والأكياس النات والأكنات، قال راجزُهم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015