وجوّز بعضُ علماء أصول الفقه إطلاقَ المشترك على عدة معان في إطلاق واحد، ونُسب هذا إلى الإمام الشافعي وإلى أبي بكر الباقلاني وأئمة المعتزلة (?). غير أنهم لم يستشهدوا له بشيءٍ من كلام العرب، واستأنس لهم المتأخرون بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56]، بناءً على أن معنى الصلاة من الله غيرُ معنى الصلاة من الملائكة؛ لأن صلاةَ الله إحسانٌ وصلاة الملائكة استغفار. قال تعالى: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} [الشورى: 5]، وهو استشهادٌ قابلٌ للتأويل بإرادة معنى الصلاة الصالح لأن يُسند إلى الله والملائكة والمؤمنين، ولم أر لهذا الاستعمال شاهدًا في كلام العرب، فالظاهرُ أن هذا مفروضٌ على سبيل البحث.
ومن العلماء مَنْ سوَّغ جمعَ معاني اللفظ المشترك إذا وقع في حيِّز النفي بلا النافية للجنس، بناءً على أن النفيَ قرينةٌ على نفي جميع المعاني. وهو غلط؛ لأن النفي في كلام العرب يتعلق بأفراد معنى اللفظ لا بالمعاني المنفردة للمادة اللغوية.
وتتفرع عن هذه المسألة مسألةُ تثنية اللفظ المشترك وجمعه باعتبار معنيين أو معان، بناءً على أن التثنية والجمع هل يُشترط فيهما أن يكون اللفظُ المثنى أو المجموع متعددًا بالذات متحدًا بالنوع أم يجوز كونُه متعددًا بالنوع أيضًا؟ فإن اشترطناه، لم