ومنها التفرقةُ بالتأنيث لِمَا لم يؤنِّثوا من قبل. فقد جعل المتأخرون من العرب علامةَ التأنيث في زوجة إذا أريد بها المرأة، مع أن حقَّه أن لا يؤنث؛ لأنه وصفٌ باسم العدد، وهو الزوج ضد الفرد، كما تقدم، قال تعالى: {وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35]. ولكنهم لمَّا وجدوا التفاسدَ في هذا الإطلاق، ابتدؤوا يُدخلون علامةَ التأنيث على وصف المرأة، فقال الفرزدق:

وإنَّ الذِي يَسْعَى لِيُفْسِدَ زَوْجَتِي ... كَسَاعٍ إِلَى أُسْدِ الشَّرَى يَسْتَبِيلُهَا (?)

وقال ذو الرمة:

أَذُو زَوْجَةٍ بِالمِصْرِ أَمْ ذُو خُصُومَةٍ ... أَرَاكَ لَهَا بِالبَصْرَةِ العَامَ ثَاوِيَا (?)

وكلاهما حجةٌ في العربية، ولذلك اعتمد الفقهاء على هذه التفرقة لشدة حاجتهم إليها.

وأما الفروق الكتابية، فمنها تفرقتُهم بين عضَّه الكلب وعظّه الدهر، فجعلوا الأولَ بالضاد الساقطة والثاني بالمشالة، مع أن الثاني مأخوذٌ من الأول، ذكره ابن عطية عند قوله تعالى: {عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} [آل عمران: 119] (?). وكذلك وزن فاعل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015