السبب الثالث: ما يأتِي من عوارض تصريفية. وهذا لا يمكن التحرزُ منه؛ لأنه يقع في الكلام اتباعًا لقواعد مطردة لم يخطر ببال الواضعين أنها إذا جرت على بعض المواد نشأ منها التباس، وقلما استحضر المتكلمُ جميعَ النظائر التي تشابهها. وذلك مثل فُلك للمفرد والجمع، بضم اللام وسكونها، فإن أصلَ المفرد بالسكون وأصل الجمع بالضم. ثم إنهم - أي العرب - يُتْبِعُون حركةَ العين لحركة اللام، وقد يخففون العينَ بالسكون فيهما، فاستويا عند الاستعمال في التقادير كلها.

ومنها وقوف مصدر وقف، ووقوف جمع واقف. فالأول بقاعدة مصدر فَعَل اللازم، والثاني بقاعدة جمع فاعل وصفًا. قال: "وقوفًا بها صحبي" (?). ومنه "مختار" مشترك بين اسم الفاعل واسم المفعول، و"يضار" مشترك بين المبنِيِّ للمعلوم والمبنِيِّ للمجهول، ووقع في قوله تعالى: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} [البقرة: 282].

ومن أجل ذلك اختلفوا: هل يجب على الشاهد التحملُ إذا كان ذلك يشغله عن عمله؟ وهذا النوعُ من الاشتراك عدّه ابنُ جني في الخصائص بناءً على ظهوره في الاستعمال في زِنَةٍ واحدة بقطع النظر عن كون بعضها أصلًا وبعضها عارضًا (?).

السبب الرابع: ما يعرض من الحذف كحذف المفعول في نحو: وجد الضالة، ووجد على فلان، أي: غضب، ووجد عليه وجدًا شديدًا، أي: حزن. فهذه المعاني راجعةٌ إلى معنى حصول ما لم يكن حاصلًا. وقد يعرض من حذف الحرف، مثل علّ فِعل لمعنى سقى ثانيًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015