4 - ونَحْوٌ رابع يرجع إلى التصرف بالاختيار بين لفظين وردَا مترادفَيْن في استعمال الحقائق الشرعية، ووقع الاقتصار على أحدهما حتى أصبح تخصيصُه بذلك مصطلحًا عرفيًّا، وذلك مثل اختيار لفظة "القراض" على لفظ "المضاربة". قال ابن رشد الجد في كتاب المقدمات الممهدات في القراض: "هذا اسمه عند أهل الحجاز. وأما أهلُ العراق فلا يقولون قراضًا ألبتة، ولا عندهم كتاب القراض. وإنما يقولون مضاربة، و (عندهم) كتاب المضاربة". (?) ومن ذلك الحبس في مقابل الوقف، وقد قال ابن رشد في المقدمات أيضًا: "فأما الحبسُ والوقف فمعناهما واحد، لا يفترقان في وجه من الوجوه". (?) وقد استعمل الفقهاء - مالكية وغير مالكية - كلًّا من اللفظين بمعنى واحد، إلا أن الإمام في الموطأ أكثرُ مَنِ استعمل لفظَ الصداق وإن استعمل لفظ المهر أحيانًا. (?)
5 - ونَحْوٌ خامس من الأنحاء التي ورد عليها التصرفُ اللغوي في الموطأ يظهر في أسماء راجت على ألسنة الناس تبعًا لرواج مسمياتها، فعبر بها في مقام تقرير الحكم الشرعي المنطبق عليها، ومثال ذلك "بيع العينة"، وهو البيع بثمن إلى أجل، ثم اشتراء نفس المبيع بأقل من ذلك الثمن، كما فسرها في القاموس، (?) وقد عنون بها مالك صورةَ بيع الطعام قبل قبضه. (?)
ومنه أيضًا لفظ "الصكوك" جمع صك، فقد قال مالك إنه بلغه "أن صكوكًا خرجت للناس في زمان مروان بن الحكم من طعام الجار، فتبايع الناس تلك