ومجاهل الأرض وأن يكون في حزون (?) ذلك الصوت القاصف الذي يجلجل في الهواء بقوة وصليل ورعد وبرق وصواعق ولابد أن يكون بعد ذلك كله حيًّا قد وهب حياته للموت تحت البارقة في كل ساعة وعند كل فزع لا يختلجه إلى الحياة سبب من أسباب العيش أو شهوة من شهوات البقاء في لذة الدنيا ومتاعها.

هذه هي الدعوة الصحيحة إلى العمل عمل الأدباء والشعراء والكتاب وعمل كل ناطق من أهل هذا الشرق، وكل مطيق لحمل هذا العبء الروحي الجليل، وليس يغر الناس ما هم فيه من الضعف، فإن كل ضعفة في الإنسان مقتولة بقوة من إرادة الرجل إذا عقد العزم عليها، وكل مخوف يبعث الرعب وينشره ويجلب له بالدعاية والأكاذيب وفوضى العقل المرسلة على لسانه، يمكن أن تبددها صرامة رجل واحد يقف على رأس الناس يقول:

"ها أنذا فاعرفوني! لقد كذبتم وتكذبتم! ! ". إن هذا الرجل إذا صرخ بالناس بعد ذلك صرخة إلى الجد، عمل بصرخته في الناس ما لا تجد الأكاذيب معه بعد ذلك حياة تحيى بها لتستجيش الذعر لقتال إنسانية الإنسان الحي الذي يريد أن يعيش لوطنه وأمته، جنديا يقاتل عنها ويحميها من عدوان الاستبداد والطمع، ويحسم عنها شر الضمير المدخول بالوحشية الاقتصادية الغالبة على أمم هذا العصر.

إن العقل يجب أن يستبطن المعاني ليستطيع أن يطابق بينها وبين وقائع الحياة، وفي كل كلمة معنى إذا اتصل سره بسر النفس، اهتزت له وأقبلت عليه، وجعلت تفسر به الحياة تفسيرًا واضحًا يقيم البناء على أساسه الحق، أو يفتح الطريق إلى الغاية المرجوة. وإذا كنا اليوم لا نستطيع أن ندع ألسنتنا تنطلق بكل ما يحملها على الطلاقة، فإننا نستطيع أن نجعل قلوبنا في عالم واحد لا يتغابى ولا يتجاهل، ولا يتعادى في الحق ولا يتدابر، ونستطيع أن نجد عند "الرجل" ما وجدناه قبل من القدرة على الاستعلاء على جبروت العناد الأحمق الشره، الذي يريد أن يجعل قانونه في المظالم هو القانون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015