ذهبتُ أُعلِّق السُّفرة فإذا ليس لها عِصامٌ، فوالله ما أجدُ ما أعلقهما به، ووالله ما أجِدُ إلا نطاقي وأنا حُبلى مُتِمٌّ. فيقول أبو بكر يا أسماءٌ شقيه اثنين؛ فأشقه فأربط بواحد منهما السقاء وبالآخر السفرة؛ فلذلك ما سمّاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ذات النطاقين" يعني في الجنة. وأعود بعبد الله يرتكض في أحشائى، قد احتسبتُ نطاقي في سبيل الله، فوالله ما أجدني احتسبتُ بنىّ عبدَ الله اليوم إلا كما احتسبت نطاقي ذاكم. وأَعود إلى دار أبي بكر ويأتي نفرّ من قريش فيهم أبو جهل فوقفوا ببابها، فأخرج إِليهم فيقولون: أين أبوك يا بنت أبي بكرٍ؟ فأقول: لا أدري والله أين أبي، فيرفع أبو جهل يده -وكان فاحشا خبيثًا- فيلطم خدي لطمة يطرح منها قُرطى فتغُول بي الأرض الفضاء، فوالله لما لقيتُ من حَجّاجكم هذا أهون عندي مما لقيتُ من لطمة أبي جهل وأنا بعبد الله حاملٌ مُتم. يا بَنى إني آخرُ المهاجرين والمهاجراتِ، لم يبق على ظَهرها بعد عبد الله منهم غيري، فلا والله ما حَسنٌ أن يَجزَعَ من هاجَرَ -وإنّ شأن الهجرة لشديدٌ- وما حَسنٌ أن يجزع من شَهد المشاهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكيف وقد أربيت (?) على المائة.

يا بني جزاكم الله عني وعن أخيكم خيرًا، قوموا لشأنكم وذرونى وشأنى يرحمكم الله".

وودَّعنا وانصرفنا، ولا والله ما نجد لأسماء في الرجال ضَرِيبة (?) فأين في النساء؟ ولكنها كانت تصبر صبر المهاجرين الأولين على الجهد والبلاء.

وما كان صبح خامسة من مقتل ولَدها حتى استجابت لدعوة ربّها رضي الله عنها وأرضاها، وهي أم حنث تكتم حنينها ولكأنه عجل بها موته فقطع نياطها وصدع فؤادها، وفلق كبدا عليه حنينها إليه. . . .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015