بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
ساعة فاصلة في تاريخ الإنسان، حين يرمى تحت قدميه كل وساوس الشيطان متجردًا لله، مجاهدًا يعمل ويكد وينطلق، لا يردّه فزع، ولا يكبح جماحه وَجَلٌ. ساعة فاصلة ينصرم من ورائها عمر قد أدبر، ويمتد أمامها أجل يستقبل، والحياة بينهما شاخصة تنظر عمل الحي في أسباب حياته.
في هذه الساعة أضع بين يدىّ أشياء عزيرة كنت أضن بها دون الناس جميعًا، ثم أرسل إليها بصري مؤملا يرجو أن يفوز، مشفقًا يخشى أن يحبط عمله.
لقد عشت ما عشت، وجربت ما جربت، ثم بقيت صامتًا أو كالصامت. فالآن حين أبدأ أعرض نفسي على الناس في كل أسبوع أو أسبوعين، أرانى متكلما أبدًا: إن سكت القلم بقي عملي من أمامى يتكلم. فأنا -ما بقيت- محاسب بالكلمة يقولها، والعدة يعدها، والتدبير يسوسه، والعمل يعمله؛ ورب واحدة تخفض مني ما كنت أرجو أن أرتفع ببعض أسبابه.
لقد انتزعت نفسي من بين أحبابى وأصحابى، وصرت رجلا لكل امرئ فيه حق، وعليه في كل ما هو بسبيله تَبِعة، ولكل يد في عنقه مِنَّة أو دين، ولديه أمانة هو مؤدّيها على الرضى كما يؤدّيها على الكره، فإن خاس أو خان أو أمسك هلك -ولا هلك سواه- وكان من الخاسرين.