كتب شراح البخاري حين شرحوا هذا الباب منه، وما في ذلك من ذكر الترجمة، والصلاة بالفارسية أو غيرها، وجواز قراءة القرآن بغير العربية، فلسنا نكذبه في نقله. وليست هذه النقول التي نقلها مما بعد عنا، فإن الكتب -وبخاصة المطبوع منها- مبذولة لكل قارئ. ونحن نعلم أن ابن حجر قد استوفي الكلام في هذا الموضع من كتابه وفي هذا الباب من صحيح البخاري، ولكن أيظن الأستاذ أن ذكرهم الترجمة في هذا الموضع دليل على أن قول البخاري "باب ما يجوز من تفسير التوراة. . . إلخ" معناه "باب ما يجوز من ترجمة التوراة .. إلخ"؟ كلا يا سيدى الأستاذ، فإن ابن حجر وغيره كان أحرص على علمه من أن يتقحم على العربية فيقلب وجهها. انظر كيف حرص ابن حجر حين شرح نص كلام البخاري فقال "والحاصل أن الذي بالعربية مثلا يجوز (التعبير عنه) بالعبرانية وبالعكس". وكرر ذكر (التعبير) ولو أنه كان قد صح عنده أن البخاري عني بالتفسير الترجمة لما ذكر غيرها، ولا أدري .. لعل عذر ابن حجر كان هو عذرنا إذ لم يكن يعرف قاعدة الأستاذ في أن كلمة التفسير إذا أضيفت لشيء بلغة فما هي إلا ترجمته إلى تلك اللغة الأخرى! !
أما ذكرهم في هذا الموضع بعينه قراءة القرآن بالفارسية أو الصلاة بالفارسية وترجمة القرآن أو ما يشاءون فليس لأن البخاري جعل هذا الباب لذلك، بل لأن هذه المسائل من مسائل الفقه مما استدل فيها الفقهاء بهذه الأحاديث على مذاهبهم، وفرق بين أن يكون البخاري عقد الباب من أجل ذلك وبين أن الفقهاء استدلوا بما في هذا الباب على مذاهبهم. ولو رجع أستاذنا فقرأ شرح ابن حجر لوجد صواب الرأي، والله الهادى إلى سواء السبيل، فإذا أشكل عليه المذهب، فليسألنا غير متجانف، فإذا فعل شفينا صدره من ذلك بجوابنا.
هذا، وقد نصحنى الأستاذ في أول كلامه بنصائح غالية كقوله "وكنت أود أن يتروى (يعني كاتب هذه الكلمات) قليلا قبل أن ينشر، أو أن يعرض هذه الكلمة على فضيلة الأستاذ أخيه أو والده الأجل قبل نشرها"، وكقوله "لو تروى قليلا أو شارك (أي إنسان) في فهم ما ينقده لما وجده موضع نقد". وأنا أعترف