فهذه خمسة عشر مخرجًا لحروف العربية على الترتيب والتوالى والاطراد قد وصفناها، ولم نلم بكل الفروق بين الأحرف المشتركة المخارج، وهناك مخرجان آخران لا بأس من ذكرهما هنا، وإن كان الرأي عندنا فيهما غير ما ذهب إليه كثير من أئمة العربية، وبهما تتم المخارج سبعة عشر مخرجًا.

"المخرج السادس عشر" وهو ملحق بالمخرج الأول والمخرج السادس والمخرج الخامس عشر، هو من الجوف إلى أقصى الحلق حيث ينقطع المخرج حتى يتصل بالهواء خارج الفم وفيه: الألف، والواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها. وأنا لا أجعله مخرجًا لعلل كثيرة ليس هذا مكان بيانها.

"المخرج السابع عشر" وهو ملحق بالمخرج التاسع والخامس عشر حيث يستدير الهواء المنبعث في الخياشيم يتردد في دورته فيها وفيه: "النون والميم الخفيتين الساكنتين في الإخفاء والإدغام بالغنة.

فهذان المخرجان، كما ترى، هما أعراضٌ قد لحقت أصوات الحروف، ولم تنشأ منهما حروفٌ منصوبةٌ على اللسان كسائر حروف المعجم التي اعتمدناها في لساننا العربي. ولو أقمنا نعت المخارج على الأعراض التي تلحق أصوات الحروف لكثر عندنا ما يمكن أن يعدَّ من المخارج. ألا ترى أن الحروف التي زعمناها من مخرج واحد إنما كانت كذلك لتقاربها مع تمام اختلافها، وإلا لما جاز في العقل أن يشترك في المخرج الواحد أكثر من حرف واحد ألبتَّة. وسيكون لهذه الأعراض التي تلحق أصوات الحروف بيانٌ تقتضيه فيما يأتي بعد من كلامنا.

ولابد هنا أيضًا من حصر هذا التقسيم الذي مضى في دائرة أضيق من هذه، فهم يسمون حروف المخارج الثلاثة الأولى "الحروف (1) الحلقية" وهي سبعة أحرف.

والرابع والخامس "للحروف (2) اللَّهَوِية" نسبة إلى اللهاة، وهي الهناة المعلقة بين الحلق والفم، وهما حرفان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015