يا قوم لا تأمنوا إن كنتمُ غُيُرًا ... على نسائكم كسرى وما جمَعا

قوموا قيامًا على أمشاط أرجلكم ... ثم افزعوا، قد ينال الأَمْنَ مَن فزعا

ويقول في آخرها:

هذا كتابى إليكم والنذير لكم ... لمن رأى رأيهُ منكم ومن سمعا

وقد ورد في ذكر العهود المكتوبة شعر جاهلى كثير منه قول الحارث بن حِلّزة اليشكرى في الحرب التي كانت بين بكر وتغلب.

واذكروا حلف ذي المَجاز وما قُـ ... ـدِّم فيه العهود والكفلاءُ

حَذَرَ الجور والتعدى وهل ينقُـ ... ـضُ ما في المَهارق الأهواءُ

ويعني بالمهارق كتب العهود والمواثيق التي كانت بين بكر وتغلب أيام الهدنة والصلح.

فنحن لا نستطيع أن ننكر أن العرب كانوا يكتبون ويتراسلون في بعض الأحايين، ولكننا نستطيع أن ننكر أنهم كانوا يصنفون الكتب ويؤلفون الرسائل في الأغراض الكثيرة. ويجب على المفكر في هذا الأمر أن يعلم أن كلام العرب في محاوراتهم ومجالسهم وخطهم كان هو الكلام المتخذ في الرسائل والعهود وغير ذلك إذ أن هذه اللغة العربية التي بين أيدينا والتي نزل بها القرآن والتي كان يتكلم بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته رضي الله عنهم كانت إلى القرن الثاني والثالث من الهجرة تؤخذ من أفواه العرب البداة. فلا يعقل بعد ذلك أن يكون في الجزيرة العربية كُتاب قد تفرغوا للكتابة حتى نسأل هل كان هناك (نثر فني) أو لم يكن فإن هذا السؤال يقتضي أن يكون في الجزيرة فئة قد تجردت للكتابة فعلت على غيرها من عامة الناس في الأسلوب البيانى. هذا والرسول نفسهُ - صلى الله عليه وسلم - كان أميًّا لا يقرأ ولا يكتب، وكان يعد أفصح العرب، وكان من أصحابهِ من يجيد الكتابة كعُمَر وعلىّ وزيد وعثمان رضي الله عنهم ومن يتدبر هذا يجد أن النثر على المعنى المعروف عندنا لم يكن مما تتطلبهُ العرب وتتفرغ له وتتفوق فيه وإنما كان كلامهم كله مرسلًا على سجية واحدة إلَّا الشعر فإن الذي ميزه هو الوزن والقافية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015